الأحد، يونيو 03، 2007

الدعوة هل هي فرض عين أم فرض كفاية

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ {آل عمران:104}.
واختلف أهل التفسير في "منكم" هذه هل هي للتبعيض أم لبيان الجنس، ورجح الطبري والقرطبي أنها للتبعيض، ورجح ابن جزي أنها لبيان الجنس، وفصل الحافظ ابن كثير في المسألة فقال في تفسيره:
والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. وفي رواية: وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

وبناء عليه فيمكن الجمع بين القولين بأن انتصاب طائفة من المسلمين وتفرغهم للدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية على الأمة، وأن قيام كل فرد بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب قدرته فرض عين، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122].

ولكنه يتعين على من يدعو إلى الله أن يدعو بعلم وبصيرة، فالله جل وعلا يقول: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ {يوسف:108}.

وليس معنى ذلك أن لا يدعو حتى يصبح عالما، ولكن المطلوب منه العلم بما يدعو إليه ولو كان آية واحدة، أو حديثا واحدا، لما في حديث البخاري: بلغوا عني ولو آية. وفي حديث الترمذي: نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه. و يتعين على الداعي أن يحرص على الزيادة من العلم دائما، وأن يكون عاملا بما يعلم ويدعو إلي